البيئة والتغذية: كيف تؤثر التحديات البيئية على صحتنا وغذائنا؟ حلول مستدامة لمستقبل أفضل

اكتشف العلاقة بين البيئة والتغذية وتأثير التلوث وتغير المناخ على الأمن الغذائي. تعرف على حلول مستدامة مثل الزراعة العضوية والذكاء الاصطناعي لتقليل الهدر الغذائي وحماية الكوكب. اقرأ المزيد عن كيفية تأثير خياراتنا اليومية على مستقبل الغذاء (تابع القراءة ◄)

مقالةالصحة

المقدمة: صحة الكوكب تعني صحة الإنسان

في عصرٍ يواجه فيه العالم تحديات هائلة مثل تغير المناخ، والنزاعات، وأنماط الاستهلاك غير المستدامة، أصبحت العلاقة بين البيئة والتغذية قضية مصيرية تُظهر الإحصائيات أن 9 ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب تلوث البيئة، بينما يُهدر 13 مليار طن من الطعام سنوياً، في وقت يعاني فيه الملايين من الجوع المزمن

في هذا المقال، نُلقي الضوء على التحديات البيئية التي تواجه البشرية في الغذاء، وتأثيرها على الصحة العامة، مع تقديم حلول عملية ومستدامة مدعومة بأحدث الدراسات وأمثلة واقعية

البيئة وتأثيرها على الغذاء: من التلوث إلى الجفاف

التلوث البيئي: السموم الخفية في طعامنا

المعادن الثقيلة: خطر صحي متزايد

تصل معادن مثل الرصاص والزئبق إلى المحاصيل عبر المياه الملوثة بالنفايات الصناعية كشفت دراسة أجرتها جامعة أسوان عام 2015 أن 40% من الخضروات المزروعة في المناطق الصناعية تحتوي على تركيزات خطرة من الرصاص تتجاوز الحدود الآمنة، ما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة كالفشل الكلوي والسرطان

وفي دراسة أخرى أجرتها منظمة غرين بيس في بنجلاديش عام 2023، وجدت أن 65% من الأرز المزروع بالقرب من المصانع يحتوي على مستويات عالية من الزرنيخ، مما يعرض 20 مليون شخص للتسمم المزمن

المبيدات الكيميائية: سلاح ذو حدين

بحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يُستخدم حوالي 3 ملايين طن من المبيدات سنوياً عالمياً ومع ذلك، يتسرب 99% منها إلى الهواء والمياه، مما يؤدي إلى تلويث السلسلة الغذائية

لذلك فإن التوصيات أن يتم تبني الزراعة العضوية مما يمكن أن يقلل استخدام المبيدات بنسبة 50%، كما فعلت فرنسا في خطتها 2030

تغير المناخ: تهديد مباشر للأمن الغذائي

تراجع إنتاجية المحاصيل الزراعية

يتوقع البنك الدولي أن إنتاج القمح والذرة سينخفض بنسبة 1025% بحلول 2050 في دول مثل الهند وباكستان نتيجة للجفاف وارتفاع درجات الحرارة

وفي دراسة حديثة أجريت في العام 2023 أفادت مجلة Science أن موجات الحر في الهند عام 2022 أدت إلى خسارة 15% من محصول القمح، مما أثر على الأسعار العالمية

فقدان التنوع الجيني للمحاصيل

منذ القرن العشرين، فقد العالم 75% من التنوع الجيني للمحاصيل الزراعية، وفقاً لـمنظمة الفاو هذا الفقدان يهدد قدرة المحاصيل على التكيف مع التغيرات المناخية

ومن أجل محاولة الحفاظ على هذا التنوع الجيني قامت النرويج بتأسيس بنوك البذور الدولية، مثل Svalbard Global Seed Vault ، تحفظ أكثر من 1 مليون عينة بذور كمخزون استراتيجي

تدهور التربة والمياه: أساس الزراعة في خطر

تآكل التربة: تشير تقارير اليوم العالمي للتربة إلى أن الزراعة المكثفة تؤدي إلى فقدان 24 مليار طن من التربة الخصبة سنويًا

في البرازيل، أدى استصلاح الغابات لزراعة فول الصويا إلى فقدان 30% من خصوبة التربة خلال عقد واحد

نضوب المياه الجوفية: تستهلك الزراعة 70% من المياه العذبة عالميًا، مما أدى إلى نضوب خزانات المياه الجوفية الرئيسية مثل خزان النوبة في إفريقيا

لذلك فان التوصيات العالمية باستخدام تقنيات الري بالتنقيط، قللت استهلاك المياه بنسبة 40% مع زيادة الإنتاجية

النظم الغذائية غير المستدامة: عبءٌ على البيئة

انبعاثات غازات الاحتباس الحراري

النظام الغذائي العالمي مسؤول عن 37% من انبعاثات الغازات الدفيئة، 58% منها ناتجة عن إنتاج اللحوم وزراعة الأعلاف الحيوانية

في مقارنة صادمة تبين أن إنتاج 1 كجم من لحم البقر يستهلك 15,000 لتر ماء، بينما يحتاج 1 كجم من الطماطم إلى 180 لترًا فقط

الهدر الغذائي: مشكلة أخلاقية وبيئية

وفقاً لـمنظمة الفاو، يُهدر نحو 13 مليار طن من الغذاء سنوياً، وهو ما يعادل استهلاك 28% من الأراضي الزراعية دون فائدة

ومن أجل ذلك ظهرت بعض الحلول مبتكرة مثل تطبيق Too Good To Go في أوروبا لربط المطاعم بالمستهلكين لبيع الفائض بأسعار مخفضة، وخفض الهدر بنسبة 40%

وأيضاً في السعودية، ظهرت مبادرة "حفظ النعمة" التي وزعت 500,000 وجبة، مما قلل الهدر الغذائي في المناسبات الاجتماعية بنسبة 30%

الحروب والنزاعات: تدمير ممنهج للبيئة والغذاء

الحروب العسكرية: تلويثٌ طويل الأمد

اليورانيوم المنضب في العراق: أدى استخدام اليورانيوم المنضب خلال حرب العام 2003 إلى ارتفاع معدلات السرطان في الفلوجة بنسبة 300%، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية

النزاعات السياسية: صراع الموارد

سد النهضة: النزاع بين مصر وإثيوبيا يُهدد بفقدان مصر 72% من أراضيها الزراعية إذا انخفضت حصتها من مياه النيل

الصراعات القبلية في السودان: تسببت في نزوح مليوني مزارع وتدهور 40% من الأراضي الخصبة، وفقًا لتقرير برنامج الأغذية العالمي في العام 2022

حلول مستدامة: من الابتكار إلى التوعية

تقنيات الزراعة الذكية

الزراعة العمودية: بدأت دبي في مجال الزراعة العمودية حيث حققت مزارع "كريستال فامز" إنتاجًا يعادل 390 مرة أكثر من الزراعة التقليدية باستخدام 95% ماء أقل

الذكاء الاصطناعي: مشروع FarmBeats التابع لـ مايكروسوفت يحلل بيانات التربة والطقس لزيادة الإنتاجية 20% مع تقليل الانبعاثات

سياسات حكومية فاعلة

في فرنسا تم العمل على خطة لخفض استخدام المبيدات 50% بحلول 2030 عبر تشجيع المكافحة الحيوية

أما في السعودية فقد أطلقت مبادرة "الاستدامة الزراعية" التي تهدف إلى زيادة المساحات العضوية إلى 250 ألف هكتار بحلول 2025

دور الأفراد: خيارات يومية تُحدث فرقاً

الشراء المحلي: وذلك بتقليل البصمة الكربونية عبر شراء منتجات تُنقل أقل من 100 كم

حملات التوعية: مثل مبادرة "حفظ النعمة" في السعودية قللت هدر الطعام بنسبة 30%

المنظمات الفاعلة: محلياً وعالمياً

المنظمات الدولية

منظمة الفاو (FAO): أطلقت مبادرة "HandinHand" لدعم 35 دولة في تحسين الإنتاجية باستخدام التكنولوجيا

برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP): خفضت حملة حارب_التلوث_البلاستيكي استخدام البلاستيك في تعبئة الأغذية بنسبة 25%

المنظمات العربية

المبادرة السعودية الخضراء: تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة بحلول 2030

المنظمة العربية للتنمية الزراعية (AOAD): دربت 20,000 مزارع في الصومال على تقنيات الري الحديثة

أيام عالمية: مناسبات لتوحيد الجهود

اليوم العالمي للغذاء، الذي يُحتفل به في 16 أكتوبر من كل عام، يهدف إلى رفع مستوى الوعي حول أهمية تقليل الهدر الغذائي، ودعم الجهود العالمية لتوفير الغذاء للجميع بشكل مستدام

أما اليوم العالمي للتربة، الذي يصادف 5 ديسمبر، فيسلط الضوء على ضرورة الحفاظ على التربة من التآكل، وتعزيز الممارسات الزراعية التي تحمي خصوبة التربة وتضمن استدامتها للأجيال القادمة

ويعتبر اليوم العالمي للمياه، المحدد في 22 مارس، مناسبةً لتذكير العالم بأهمية ترشيد استهلاك المياه، خاصة في مجال الزراعة، حيث يُعد الاستخدام الفعال للمياه عاملاً حاسماً في تحقيق الأمن الغذائي وحماية الموارد المائية من النضوب

مستقبل الغذاء: بين التحديات والفرص

توقعات مرعبة

ارتفاع ثاني أكسيد الكربون قد يخفض بروتين القمح بنسبة 10% بحلول 2050، مما يعرض 150 مليون شخص لسوء التغذية وذلك حسب دراسة أجرتها مجلة Nature في 2023

حلول ثورية

اللحوم المُستنبتة: بدأت سنغافورة في مشروع استنبات اللحوم وبدأ بيع الدجاج المُصنع مخبريًا، الذي يستهلك 90% طاقة أقل

الزراعة الكربونية السالبة: في أيسلندا، تلتقط تقنيات زراعة الطحالب 50 طن كربون/هكتار سنوياً

الخاتمة: استثمر في الكوكب تستثمر في صحتك

العلاقة بين البيئة والتغذية ليست مجرد قضية بيئية، بل هي مسألة بقاء الخيارات الفردية والسياسات الحكومية يمكن أن تصنع فرقا ًكبيراً وكما قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة: الطعام هو أقوى رابط بيننا وبين الكوكب فلنحمِهما معاً